sciencenewsnet.in

التغلب على المماطلة أثناء الجائحة

هل لاحظت أنك تؤجل الأمور أكثر من السابق خلال جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)؟ إن كنت تفعل ذلك، فأنت لست وحدك.

كتب هذا المقال ياسر دوري، الحاصل على الدكتوراه، اختصاصي علم النفس في الطب النفسي وعلم النفس في نظام مايو كلينك الصحي في أوستن، ولاية مينيسوتا.

عندما ظهر فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، لم يكن لدى الناس الوقت للتكيف مع نمط الحياة الجديد واستيعابه. نتيجة للتغيرات المفاجئة في طريقة عيش الناس، فقد مهّد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الطريق لأزمات الصحة العقلية والنفسية مثل التوتر، والقلق الزائد، والمزاج المكتئب – مما قد يؤدي بمرور الوقت إلى تزايد خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل: أمراض القلب، ومرض السكري، والسمنة. ومما يزيد الأمر سوءًا أنه عندما يكون الناس خائفين أو متوترين أو مكتئبين، فمن المرجح أن يماطلوا، ويؤخروا أو يؤجلوا المهام والأعمال المُوكلة لهم.

لكن ماذا يحدث بالضبط عندما تماطل؟

المماطلة والدماغ

تشارك عدة أجزاء من دماغك في عملية المماطلة. الجهاز الحوفي هو مجموعة من هياكل الدماغ التي تشارك في الاستجابات السلوكية والعاطفية. وهو في الأساس يضيف عدسة عاطفية إلى تجارب حياتك اليومية. لذا نعم، يمكن إلقاء اللوم على جهازك الحوفي في كل تجاربنا العاطفية الشديدة في الحياة. يشارك الجهاز الحوفي أيضًا في الإشباع الفوري، والبحث عن المتعة، واستجابات البقاء على قيد الحياة.

بينما تشارك قشرة الفص الجبهي في التعامل مع سلوكيات أكثر تعقيدًا، مثل: التخطيط، واتخاذ القرار. لذلك إذا كان عليك الاختيار بين مشاهدة نتفليكس والاتصال بمزود رعايتك الصحية لتحديد موعد طبي لفحصك الجسدي، فقد يتغلب نظامك الحوفي على الموعد الطبي؛ لأن مشاهدة نتفليكس ربما تكون أكثر متعة وأقل إزعاجًا. قد يدفعك جهازك الحوفي إلى تأخير تحديد موعدك الطبي لصالح الاشتراك في شيء أسهل ومجزٍ كذلك. وهذا ما يجعل المكالمة الهاتفية لتحديد موعدك الطبي أمرًا معقدًا للغاية في ذهنك، مما يجعلك تقرر تأجيلها لوقت لاحق. إذا كنت قلقًا بشأن مغادرة منزلك بأمان بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) – وتشعر بالإجهاد بشأن ارتداء قناعك وتعقيم يديك – فقد تجد نفسك تؤخر مواعيدك الطبية لمزود رعايتك الصحية يومًا بعد يوم.

تغيير في السلوكيات

قبل الجائحة، كانت الجداول الزمنية اليومية والتخطيط تساعدك على البقاء على المسار الصحيح، مما يضمن لك تحقيق أهدافٍ محددةٍ وإنهاء المهام. لكن الجائحة غيّرت الجداول الزمنية والأنشطة اليومية وكيفية التخطيط ليومك. لقد لاحظَ بعض الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم يعملون عن بُعد من المنزل لأول مرة في حياتهم مدى صعوبة فصل مكان العمل عن المنزل والاسترخاء. ولم يكونوا معتادين على البقاء في منازلهم طوال اليوم والتي صارت الآن مكتبًا لهم أيضًا.

يميل الدماغ إلى ربط الأشياء ببعضها بعضًا، وهكذا تتشكل العادات. فإذا ربطتَّ غرفة نومك بالنوم، فأنك ستغفو بسهولة ما إن تذهب إلى الفراش. إذا ربطتَّ بين تناول رقائق البطاطس ومشاهدة مباريات كرة السلة، فتميل إلى البحث عن أشياء تتناولها في المرة القادمة حينما تخطط لمشاهدة إحدى المباريات. وبالمثل، إذا كانت لديك وظيفة مرهِقة وتعمل من المنزل، فربما تكون قد لاحظت أنك تربط بين التوتر والمنزل أو الغرفة التي تعمل منها عن بُعد.

ويمكن أن يدفع مثل هذا التغيير في نمط الحياة إلى المماطلة والتفكير، “فلأشرب فنجانًا من القهوة، وبعد ذلك سأنهي مشروعي”. وقد يكون هذا من نوع “المماطلة المثمرة”، وهي عندما تتجنب مهمة ما لإكمال مهمة أخرى غالبًا ما تكون غير ذات صلة بها. “فلأنظف غرفتي أولًا، وبعد ذلك سأُنهي مشروع العمل”.

ما الذي يمكنك فعله للتغلب على المماطلة؟

للتغلب على المماطلة، اسأل نفسك هذه الأسئلة:

أيضًا، اتَّبع هذه النصائح:

كن على علم بما تشعر به.

أفكارك ومشاعرك وسلوكك مرتبطة ببعضها بعضًا.

اطرح على نفسك الأسئلة التالية كي تكتشف ما يساهم في مماطلتك:

ابدأ، وبقدر صغير.

أولًا، انظر إلى قائمة المهام التي تحتاج إلى إكمالها، مثل: تحديد موعد طبي مع مزود رعايتك الصحية، أو شراء البقالة، أو جلب الأدوية من الصيدلية. اختر مهمة واحدة صنفتها بأنها ذات أولوية عالية، وحاول تقسيمها إلى مهام أصغر.

غالبًا ما تجعلك المماطلة تفكر في المهام كأنها مهمةٌ عملاقةٌ واحدةٌ لن تنتهي، أو أنها مهمة تستغرق وقتًا طويلًا لإتمامها. من خلال تقسيم المهام إلى مهام أصغر، ستلاحظ أن المهمة المعنية لم تكن صعبةً كما بدَت. على سبيل المثال، إذا كان عليك تحديد موعد مع مزود رعايتك الصحية، فمن المهام الفرعية: النظر في جدولك الزمني لمعرفة الأيام التي ستكون متاحًا فيها. والمهمة الفرعية الأخرى هي التحقق ومعرفة ما إذا كنت بحاجة إلى توصيلة إلى موعدك الطبي، وإذا كان الأمر كذلك، فمن يمكنه أن يوصلك.

دوِّن ملاحظات، في جدولك الزمني، حول الوقت الذي تريد فيه الانخراط في هذه المهام الصغيرة. التخطيط كذلك هو عامل رئيسي آخر للانتصار على المماطلة.

غالبًا ما تكون الخطوة التالية صعبة، ألا وهي البدء. يتوقف الفوز على المماطلة على إجبار نفسك على بدء أي من المهام، مهما كانت صغيرة. على سبيل المثال، إذا كنت بحاجة إلى ممارسة الرياضة، لكنك تخشى البدء، ابدأ بالذهاب في بالتمشِّي لمدة 10 دقائق. هل هذا كثير؟ ماذا عن خمس دقائق؟ تذكر، ابدأ بقدر صغير.

اعمل مع شريك.

المساءلة أمر بالغ الأهمية. اعمل مع أحد أفراد العائلة أو صديق أو زميل لك وساعدا بعضكما بعضًا. تواصل مع شريكك كل يوم أو مرة واحدة على الأقل في الأسبوع بمكالمة هاتفية أو رسالة نصية أو بريد إلكتروني. خطط لأيامك وأسابيعك، وتحدث عن الأولويات، وتحقق عبر مراجعة كيفية سير الأمور.

يمكن أن يكون الشريك حافزًا ويقدم الدعم إذا بدأت تشعر بالإحباط.

أضف شيئًا من الفصل.

وكما ذكرنا، يربط العقل الأشياء ببعضها. لذلك إذا كنت تعمل عن بُعد، فحاول تخصيص غرفة معينة أو ركن من منزلك للعمل عن بُعد. وإذا أخذت قسطًا من الراحة، فانتقل إلى غرفة أخرى أو مساحة منفصلة لذلك.

لا تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي في نفس الغرفة التي تعمل بها. من الأفضل عدم استخدام نفس الجهاز الذي تستخدمه في العمل لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أثناء فترة الراحة. سيساعدك هذا الفصل على الحصول على فترات راحة أكثر فائدة وعلى الاسترخاء أكثر. علاوة على ذلك، عندما ينتهي يوم العمل، قد تكون الأعمال المنزلية شاقة. انتبه لجسمك ومستويات الطاقة، واعتنِ بنفسك، ولا تخف من قول لا عند الضغط عليك للقيام بعمل إضافي. تدرب على وضع حدود صحية لنفسك من خلال تعلم كيفية قول لا بطريقة حازمة ولطيفة.

ضع روتينًا.

تحديد ساعات عمل ثابتة قد يساعد أيضًا. ابدأ في نفس الوقت كل يوم، حتى لو لم يكن مشرفك يراقبك. ارتدِ ملابسك كما لو كنت ذاهبًا للعمل حضورياً. أضف فترات راحة صحية، مثل: المشي لمسافة قصيرة، أو تمارين الإطالة، أو اليوجا، أو التنفس العميق لأجل الاسترخاء. اذهب إلى الفراش في نفس الوقت كل ليلة.

كافِئ نفسك.

بمجرد إتمام مهمة ما، ضع علامة على جدولك الزمني، وكافئ نفسك. لا يجب أن تكون هذه المكافأة كبيرة أو باهظة الثمن. على سبيل المثال، قد تتمثل في مشاهدة حلقة من برنامجك المفضل، أو مشاهدة فيلم ما، أو صنع عصير صحي. مرة أخرى، تذكر أن عقولنا تحب صنع الروابط. بمكافأة نفسك، تصبح أكثر تحفزًا لإكمال المهام كما هو مقرر حتى تتم مكافأتك.

كن لطيفًا مع نفسك.

نحن بشر ولسنا آلات، وفي مرحلة ما نفشل. إن الفشل مرة أو مرتين لا يعني أن نفشل في كل مرة. إذا فشلت، استمر في المحاولة، وفكر بشكل إيجابي، واستَعِنْ بالحديث الإيجابي مع النفس لتشجيع نفسك على مساعدتك في الوصول إلى أهدافك.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر الأبحاث أن التركيز الذهني والتعاطف مع الذات يمكن أن يساعدا في مشكلة المماطلة. تتمحور هذه الممارسات حول التغلب على المشاعر السلبية. الأشخاص الذين يمكنهم الاعتراف بأخطائهم أو إخفاقاتهم الشخصية الأخرى، من ثم يسامحون أنفسهم عليها، هم أقل عرضة للمماطلة. أيضًا، من المرجح أن يستمر الأشخاص الذين يمارسون تمارين التركيز الذهني في أداء المهام.

اقرأ المزيد عن موازنة صحتك العقلية والعاطفية.

###

نبذة عن مايو كلينك

مايو كلينك هي مؤسسة غير ربحية تلتزم بالابتكار في الممارسات السريرية والتعليم والبحث وتوفير التعاطف والخبرة لكل مَن يحتاج إلى الاستشفاء والرد على استفساراته. لمعرفة المزيد من أخبار مايو كلينك، تفضَّل بزيارة شبكة مايو كلينك الإخبارية. للحصول على معلومات حول فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بما في ذلك أداة تتبع خريطة فيروس كورونا في مايو كلينك، التي لديها توقعات لمدة 14 يومًا حول توجهات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، تفضل بزيارة مركز مايو كلينك لموارد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).